الجمعة، 5 أبريل 2013

أساسيات الفيزياء الفضائية


 فيزياء الفضاء أو الفيزياء الفضائية . ويكرس هذا النوع من البحوث لدراسة الجسيمات المشحونة ( الإلكترونات والبروتونات والنوى الأثقل من ذلك ) التي يعج بها نظامنا الشمسي .
وكذلك المجالات المغناطيسية والكهربية التي تحكم حركة تلك الشحنات .ومجال تخصصي الدقيق هو أعلى جزء من جو الأرض وهو الغلاف المغناطيسي أو الماجنتوسفير .
وهذه المنطقة مأهولة بغاز رقيق للغاية ( حيث تصل كثافته من 10 إلى 1000 جسيم في السنتيمتر المكعب ) ويتكون معظمه من إلكترونات وبروتونات ونوى ذرى ( مثل الأكسجين المشحون الذي يصعد إلى أعلى من طبقات الجو السفلى )، ويمسك بها جميعًا معًا المجال المغناطيسي المنبعث من القلب المنصهر للأرض والمكون من الحديد والنيكل.
وقد اكتشف هذا الغلاف المغناطيسي منذ 35 سنة بواسطة أول قمر صناعي ولا يزال تحت الدراسة بواسطة أجهزة فضائية أكثر تعقيدًا من ذلك الحين .
وقد بدأ شغفي ببحوث الفضاء وأنا لا زلت طفلاً في التاسعة عام 1975م عندما قرأت عن بعثة " سبوتنيك" الروسية وعن اكتشاف جيمس فان آلن للأحزمة الإشعاعية حول الأرض .
وقررت عندئذ أنني أحب أن أصبح متخصصًا في فيزياء الفضاء، بل وأن أعمل مع البروفيسور فان آلن يومًا وقد كنت محظوظًا للغاية أن أتمكن من الدراسة مع البروفيسور فان آلن عندما التحقت بالدراسات العليا عام 1970م ، واشتركت معه في تصميم واختبار الأجهزة التي أطلقت فيما بعد في أول بعثة إلى النظام الشمسي الخارجي .وقد أثبتت سفينتا الفضاء " بايونير10و11" أن كوكبي المشتري وزحل لهما أيضًا غلاف مغناطيسي"ماجنتوسفير".ونعتقد حاليًا أن كل الكواكب لها في الواقع مناطق تشبه الغلاف المغناطيسي ، ونعرف أيضًا أن شمسنا والنجوم النيوترونية وحتى المجرات لها- في الحقيقة- مناطق تحيط بها ويمكن أن يطلق عليها بحق أغلفة مغناطيسية .
وأحد أعظم الفوائد التي نجنيها من دراسة الغلاف المغناطيسي للأرض هو أنه قريب نسبيًا من كوكبنا ، ولكي نبعث بسفينة فضاء إلى كواكب أخرى ( مثلما حدث مع بعثات فويجر وبايونير ) فإن الأمر يستغرق سنوات أو حتى عقود لأن الكواكب بعيدة جدًا عنا .
ولتتخيل – مجرد تخيل- محاولة الذهاب إلى نجوم أخرى: إن السفر – ولو بسرعة الضوء- سوف يستغرق عشرات وربما مئات السنين لكي نصل إلى أقرب نظام نجمي منا. وتتيح لنا دراسة العمليات التي تجري في الغلاف المغناطيسي للأرض أن نفكر في أنماط لتعجيل(لتسارع)، وتحويل الطاقة ، والحركة المركبة للجسيمات المشحونة وأهم من ذلك كله أننا سنكون عندئذ قادرين على إرسال أجهزة إلى الغلاف المغناطيسي للتحقق من أفكارنا ونماذجنا النظرية أن الغاز المكون من جسيمات مشحونة والمجال المغناطيسي الموجود في الغلاف المغناطيسي للأرض ( وهو ما يسمى بلازما) يعتبر سمة مميزة لنحو 99% من الكون أي أن ما نصل إليه من نتائج تطبيقه على نظم كونية أخرى.
ونستطيع القول من هذا المنظور أن الغلاف المغناطيسي للأرض أو الماجنتوسفير ما هو إلا معمل كوني عملاق ، ولقد صار البشر يستخدمون البيئة الفضائية أكثر فأكثر منذ أن بدأ عصر الفضاء ، فقد أصبح لدينا الآن أقمار صناعية في الفضاء تساعد على البث التلفزيوني على مستوى العالم أجمع ، كما أن لدينا اتصالات فورية تقريبًا بين مختلف القارات .
ويستخدم الفضاء أيضًا للمراقبة ليساعدنا في الدفاع عن أنفسنا، وتقوم بعض سفن الفضاء المعقدة بتحذيرنا من الأعاصير، والكوارث الضخمة المرتبطة بالظواهر الجوية . بل ويتم مراقبة التغيرات ذات المدى البعيد في جو الأرض والمحيطات والحياة النباتية بشكل منتظم من الفضاء وقد توصلنا إلى أن كل هذه الوظائف المعقدة لاستخدام الفضاء معرضة بشدة للأشعة العدائية القادمة من الفضاء، ومنها- مثلاً- جسيمات حزام فان آلن والانطلاقات العنيفة للإشعاع المرتبط بالانفجارات الشمسية وكلها قادرة على تدمير المكونات الإلكترونية للأقمار الصناعية تمامًا ، وهكذا فإن من المظاهر التطبيقية لعملي فهم والتنبؤ بتأثيرات البيئة الفضائية على الأقمار الصناعية العاملة .
وأعتبر نفسي محظوظًا للغاية لأنني كنت قادرًا على إدراك الحلم الذي بدأ مع فجر عصر الفضاء ، فقد أتيحت لي الفرصة لدراسة المشتري وزحل وعطارد والشمس بالإضافة إلى الأرض.
وعند إجراء المقارنات والمقابلات بين جيراننا في الفضاء فإننا توصلنا إلى فهم جيد للركن الضئيل الذي نحتله من الكون ، ونتطلع حاليًا إلى ما هو أبعد فأبعد باستخدام التلسكوبات الأكثر قوة ولكننا نعود دائمًا إلى خبراتنا ببيئة الأرض حتى نستوعب ما نراه .
ولهذا قد يكون أكثر ما يثير الاهتمام هو أنه مهما فتحنا من نوافذ لنطل على الفضاء ، سنظل دائمًا ننظر من خلال النافذة التي فتحناها من فوق كوكبنا للأرض .
كتاب أساسيات الفيزياء - بوش جيرد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق